القصة الاولى
حدث أيضا عمن سمع الكسائي يقول : اجتمعت وأبو يوسف القاضي عند هارون الرشيد , فجعل أبو يوسف يذم النحو ويقول ما النحو ؟؟!! فقلت – وأردت أن أعلمه فضل النحو – ما تقول لرجل قال لرجل : أنا قاتلُ غلامك , وقال له آخر : أنا قاتلٌ غلامك , أيهما كنت تأخذ به ؟؟
قال آخذ بهما جميعا , فقال هارون : أخطأت وكان له علم بالعربية فاستحى وقال كيف ذلك ؟
فقال : الذي قال أنا قاتل غلامك بلا إضافة فإنه لا يؤخذ لأنه مستقبل لم يكن بعد كما قال تعالى : " ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله "
فلولا أن التنوين مستقبل جاز فيه غدا فكان أبو يوسف بعد ذلك يمدح العربية والنحو .
القصة الثانية
قال ياقوت : حدّث المرزباني عن الأحمر النحوي قال : دخل أبو يوسف القاضي على الرشيد وعنده الكسائي يحدثه فقال :يا أمير المؤمنين قد سعد بك هذا الكوفي وشغلك , فقال الرشيد :
النحو يستفز غني لأنه استدل به على القرآن والشعر , فقال : إن النحو إذا بلغ فيه الرجل الغاية صار معلما , والفقه إذا عرف فيه الرجل جملة صار قاضيا , فقال الكسائي :
أنا أفضل منك لأني أحسن ما لا تحسن , ثم التفت إلى الرشيد وقال : إن رأى أمير المؤمنين أن يأذن لي في جوابي عن مسألة من الفقه , فضحك الرشيد وقال :
أبلغت يا كسائي إلى هذا ؟! , ثم قال لأبي يوسف : أجبه .
فقال الكسائي : ما تقول لرجل قال : لامرأته أنت طالق إن دخلت الدار .
فقال أبو يوسف : إذا دخلت الدار طلقت .
فقال الكسائي : خطأ ..... إذا فتحت ( أن ) فقد وجب الأمر , وإذا كسرت فإنه لم يقع بعد , فنظر بعد ذلك أبو يوسف في النحو
القصة الثالثة
وقال ياقوت أيضا في معجم الأدباء : حدث أبو محمد اليزيدي قال : كان يجيئني رجل يسألني عن آيات من القرآن مشكلات فكنت أتبين العنت في سؤاله وكنت إذا أجبته أرى لونه يربد ويسود
فقال لي يوما أيجوز في كلام العرب أن تقول : أدخلت القوم الدار ُثم أخرجتهم رجلا ؟.
فقلت : لا يجوز ذلك حتى تقول أخرجتهم رجلا رجلا , فتذكر على تفصيل الجنس , فقال : فكيف تقول في قوله تعالى : " ثم يخرجكم طفلا " .
قلت : ليس هذا من ذلك لأن الطفل مصدر في الأصل يقع على الواحد والاثنين والجمع بلفظ واحد فنقول : هذا طفل , وهؤلاء طفل , كما
قال تعالى : " أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء "
قال فأخبرني عن قوله عز وجل: " يومئذ يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوى بهم الأرض ولا يكتمون الله حديثا "
من أين لهم هذه الأرض هناك ؟
فقلت له : وهمت ... أما سمعت قول الله عز وجل : " يوم تبدل الأرض غير الأرض "
فودوا لو أن تلك الأرض تسوى بهم , فسكت
القصة الرابعة
حضرت يوم عند الواثق فقال لي : يا مازني هات مسألة , وكان عنده نحاة الكوفة , فقلت : ما تقولون في قوله تعالى :" وما كانت أمك بغيا " ؟
لِمَ لَمْ يقل بغية وهي صفة لمؤنث ؟
فأجابوا بجوابات غير مرضية , فقال الواثق : هات ما عندك
فقلت : لو كانت بغي على تقدير فعيل بمعنى فاعل لحقتها الهاء مثل كريمة وظريفة , وإنما تحذف الهاء إذا كانت في معنى مفعول نحو امرأة قتيل وكف خضيب , وبغى هنا ليس بفعيل وإنما هو فعول , وفعول لا تلحقه الهاء في وصف التأنيث نحو امرأة شكور وبئر شطون إذا كانت بعيدة الرشاء